اقدم لكم تحياتي واحرَ التهاني!
حصل نضالكم ضد النظام الدكتاتوري على مكتسبات قيمة لحد الآن واصبح مصدرا للامل للجماهير المحرومة المعترضة ضد الأنظمة القمعية في البلدان العربية والمنطقة وفي كل العالم، وخاصة لجماهير ايران التي ناضلت في السنة الماضية على مستوى مليوني ضد الجمهورية الأسلامية ، والتي تنظر الى نضالاتكم بأشتياق وامل. ان انتصاركم هو انتصار لكل جماهير المنطقة وعلى مستوى اشمل نضال كل العالم ضد الفقر والظلم والقمع وترك تأثيراً مباشراً على النضال من اجل الحرية والمساواة. لذا فان من واجب كل القوى الثورية ان تتابع بدقة مجرى التحولات في تونس وتضع التحليلات والتقيم والتجارب والتصورات تحت تصرفكم. ان احد “الخدمات” التي تقدمها الانظمة الدكتاتورية مثل نظام بن علي للطبقة الحاكمة هو قمع قوى اليسار والثوريين وحرمان المجتمع من الأحزاب حتى لا تستطيع في اوضاع كهذا أخذ زمام قيادة الثورة. ان طرح الأفكار والتعامل الفعال للأحزاب الثورية العالمية يبقى عاملا مؤثرا في الثورات الموجودة لملئ هذا الفراغ ومساعدة تنظيم وتحزب الثورات. وفي هذا الأتجاه نرى ان من واجبنا طرح النقاط التالية بمتناولكم.
ان تجرية الثورات ومن ضمنها الثورة الأيرانية في 1979 يبين ان القوى الرجعية والمعادية للثورة على المستوين المحلي والعالمي تسعى ان ترضى بأدنى التغيرات والحفاظ على اكثر ما ممكن من المؤسسات والقوانين وحتى الشخصيات في السلطة وارسال الجماهير الى بيوتها وسيطرتهم على الأوضاع. بدأت المحاولات نفسها في تونس. انكم باعتراضاكم القوية والواعية استطعتم هزيمة الدكتاتور واجباره على الهرب. لكن الدكتاتورية لا تزال في مكانها.ان الطبقة الحاكمة والرجعية المحلية والعالمية وبالأخص الحزب الحاكم ورموز نظام بن علي، والدول الغربية والعربية في المنطقة تحاول ابقاء النظام الدكتاتوري الموجود وبأقل التغيرات الممكنة. فليست القوانين والمؤسسات والأدارات الحكومية ثابتة في مكانها فحسب بل حتى رموز النظام وبضمنهم رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية المؤقت وكل اعضاء الوزارة والمندوبين لحد الآن فان جميع الامور تحت تصرفهم. هذه الأوضاع يجب ان تتغير فورا. ان احد الأهداف العاجلة للثورة هو اعتقال ومحاكمة كل المسؤولين في النظام السابق وحل الحزب الحاكم ومحاكمة مسؤولي الحزب وحل كل المؤسسات البوليسية والأمنية التي قامت بالقمع والقتل لمدة اكثر من عقدين من الزمن. يجب فتح ملف السرقات والنهب التي قام بها بن علي وافرد عائلته وبقية المسؤولين الحكوميين والتحقيق في أموال الشعب المنهوبة والمسروقة وارجاعها الى المجتمع.
ان المحاكمة العلنية للمسؤولين والشخصيات الحكومية ومصادرة الأموال التي نهبوها وحل المؤسسات البوليسية والأمنية يشكل اولى شروط الأنتصار وتقدم الثورة الى الأمام. ولكنها لا تشكل الشرط الوحيد أبداً. ان جماهير تونس لن يتحرروا دون اطلاق سراح السجناء السياسيين جميعا ومنع التعذيب الجسمي والنفسي والغاء حكم الأعدام ومنع تعقب واعتقال الافراد والمنشورات والاحزاب والمنظمات لاسباب سياسية كانت او فكرية. ضمان الحريات السياسية و المدنية غير المشروطة، وحرية العقيدة والرأي والمطبوعات وحرية التحزب والتنظيم والأعتراض والأضراب، تشكل شروط تحرر المجتمع.ه ذه المطالب اساسية ولا يمكن تخفيفها ويجب اعلانها كقوانين وتطبيقها بعد سقوط النظام مباشرة.
على المستوى الأقتصادي يجب ان تنعم الجماهير بالأجور والحقوق الكافية وظروف الرفاه بما يتناسب مع معايير القرن الواحد والعشرين ومن ضمنها دفع ضمان البطالة الكافية لكل المستعدين للعمل ودفع الضمانات الأجتماعية والصحية. ان الثروات المنهوبة بالمليارات من قبل مسؤولي الحكومة والميزانية الضخمة التي تصرف على السجون والمؤسسات القمعية ضد الجماهير يجب مصادرتها لصالح تأمين رفاه المجتمع. هذه تشكل الحد الأدنى من الأهداف والمطالب للجماهير الغفيرة والتي يجب كتابتها على راية الثورة وعلى اساسها تستطيع ان تقيُم مدى قرب ودفاع القوى والأحزاب والشخصيات السياسية في المعارضة من الجماهير.
على مستوى التنظيم نؤكد على اهمية تأسيس مؤسسات السلطة الجماهيرية مثل المجالس كبدائل. هذه المؤسسات تتشكل ضمن صيرورة الثورة وفي ثورة تونس الحالية نرى التأسيس العملي لهذه المؤسسات في بعض المحلات. هذه المؤسسات يجب توسيعها حتى تشمل كل المحلات وتسيطر على المهام الأدارية. الدفاع عن هذه المؤسسات و تقويتها هي من مهام كل القوى والاحزاب الداعية للدفاع عن الجماهير وتشكل معيارا اخر لمن هم اصدقاء الشعب ومن هم اعداءه.
النقطة الأخيرة بالأخص بما يرتبط بتجربة الثورة الأيرانية يجب التأكد من فصل الدين عن الدولة والتربية و التعليم. في اوضاع تونس فان التأكيد على هذه المعايير بالاخص بما يمس قوى المعارضة، يشكل مسألة مصيرية. ان الأحزاب والقوى الأسلامية التي تشكل جزءاً من المعارضة التونسية هم بطبيعة الحال احرار مثلهم مثل بقية القوى السياسية الأخرى ولكن يجب فصل الدين عن الدولة والمؤسسات والقوانين الحكومية كليا. وفي حال عدم تعهد الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية التي تدعي العلمانية وفصل الدين عن الدولة والقوانين والمؤسسات القضائية والتعليمية بتعلقهم بجبهة الجماهير، فانهم عمليا يأخذون موقفا في صالح الرجعية ضد النضالات التحررية للجماهير. يجب على جماهير تونس ان تتعامل بوعي كامل مع القوى ألاسلامية ولا يفسحوا المجال لاعادة تجربة الثورة الأيرانية في 1979 في تونس.
بينت الثورة التونسية في اولى خطواتها بانها ثورة تحررية، متمدنة، علمانية، انسانية ومساواتية. هذا الميل والأتجاه العام يجب طرحه بشكل بلاتفورم وبيان مشخص وسياسي يعلن عن نفسه بصوت عالي ومنظم. ان اعلان مطاليبها واهدافها الفورية الذي ذكرناها من قبل يشكل الخطوة الأولى في هذا الأتجاه.
مرة اخرى اقدم لكم تحياتي واتمنى لكم الأنتصار،
حميد تقوائي
سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي الأيراني
20 كانون الثاني 2011
——-
* ترجمة سمير نوري من اللغة الفارسية
Tel: +44 (0) 7719166731
wpibriefing@gmail.com
http://worker-communistpartyofiran.blogspot.com/
www.wpiran.org
www.newchannel.tv